الأربعاء، 24 سبتمبر 2014

التفاعل بين البرلمان والمجتمع المدنى



التفاعل بين البرلمان والمجتمع المدنى



المقدمة
تختلف العلاقة بين النواب وجمهور الناخبين عن العلاقة بين المواطنين والحكومة. وذلك للارتباط الكبير بين هؤلاء النواب المتساوين فيما بينهم وبين المواطنين، حيث يؤدى هؤلاء النواب جزء كبير من عملهم بالنيابة عن هؤلاء المواطنين على العكس من السلطة التنفيذية "الحكومة"، كما يستطيع نواب البرلمان تقييد السلطة التنفيذية "الحكومة" عن طريق التأثير على صنع السياسات والقوانين أو ممارسة درجة من الرقابة على أداء هذه الحكومة.

أولا: أهمية الجمهور لعمل البرلمان
ويمكن لجمهور الناخبين التأثير على الوظائف السابقة لكل من النواب والحكومة حيث يكون "الرضاء" الوسيلة التى يمكن من خلالها تقييم أداء كلا من النواب والحكومة فى نفس الوقت.

1-    حوافز النواب، غالباً ما يسعى نواب البرلمان الى تمثيل مصالح دوائرهم الانتخابية، عندما: يتعرفون على  اتجاهات جمهور الناخبين، التفاعل الصريح معهم، يعتمد مستقبلهم السياسى على مساندة دائرة انتخابية لهم.

     ويلاحظ أنه فى الوقت الذى تعتبر القيادات الوطنية أن تأثير الجمهور ضئيل على أدائهم لوظائفهم، فإن النواب يعتبرون هذا الجمهور الوسيلة التى تمكنهم من تقييم سياسات الحكومة.

2-     صنع السياسات (مضمونها ومحتواها)، لقد وجدت كثير من الكتابات فى مجال البرلمانات أن النواب يمثلون مصالح الدوائر عندما يلعبون دور مؤثر فى صنع السياسات وبالتالى فإن تقييم مدى نجاح السياسات يعتمد على رضاء جمهور الناخبين واستجابتهم لها.

3-     المراقبة، هناك بعض الأسئلة التى يجب على أى تحليل فى مجال العلاقة بين الحكومة والبرلمان أن يجيب عليها تبعاً لاختلاف التطور الذى يتبعه كل تحليل.

   ومن هذه الأسئلة، كيف تعمل الحكومة؟، وما هي أنواع الوظائف التى تؤديها السلطة التنفيذية؟.
 ويلاحظ أن صانعي القرارات فى النظام المركزي ينظرون الى الجمهور نظرة تجريدية. تنظر المكاتب البيروقراطية للحكومة للسياسات نظرة مقارنة كما تنظم مسئولية مختلف الهيئات عنها. ولكن على النقيض نلاحظ أن النواب ينظرون الى السياسات من خلال مدى تأثيرها على الجمهور فذلك بسبب الارتباط بين النواب والدوائر الانتخابية.

وبذلك ترتبط الإجابة على كيفية عمل الحكومة عن طريق الإجابة عن مدى تأثير السياسات التى تتخذها على الدوائر الانتخابية. ولكي نتناول القضايا والتحديات التى تواجه النواب يجب النظر الى علاقات هؤلاء النواب بالدوائر الانتخابية.

تتميز المجتمعات الديمقراطية بالتفاعل وتبادل وجهات النظر بين كل من الحكومة والرأي العام، حيث يمكن للمواطنين التعبير عن آرائهم وتفضيلاتهم والمشاركة فى صنع القرارات التى تؤثر بوجه أو بآخر على حياتهم.

وبالرغم من أن الانتخابات هى الوسيلة الشائعة والتى تربط المواطنين بالحكومة فإنه يلاحظ أنمشاركة المواطنين بهذه الطريقة تعتبر محدودة إذا لاحظنا أن التصويت يتم فى مناسبات معينة.

 ويتيح نظام الانتخاب تقوية العلاقة بين النواب والدوائر الانتخابية حيث إن هؤلاء النواب يؤدون وظائفهم بالنيابة عن هذه الدوائر. وتساهم هذه العلاقة فى تدعيم الديمقراطية عن طريقة تقوية الارتباط بين الحكومة والمواطنين بما يتيح تقويم برامج وأداء هذه الحكومة.

إن وجود علاقة قوية بين النواب والدوائر الانتخابية- خاصة الدوائر الانتخابية التى تقدم عضوا واحدا فى البرلمان- تتيح لهؤلاء النواب إعادة انتخابهم مرة أخرى، وهو ما يؤدى الى  احترافهم العمل السياسى، كما يتيح للدوائر الانتخابية المشاركة فى صنع السياسات وذلك لأن النواب الممثلون لهم يدافعون عن وجهات نظرهم داخل البرلمان.

ثانيا: دعم قدرة الأعضاء على التواصل مع الجمهور                                                بينما تلاحظ أنه لا يوجد نظام سياسي تتميز العلاقة فيه بين عضو البرلمان والدائرة الانتخابية بالكفاءة المطلوبة، فإن برلمانات الدول النامية تواجه ثلاث تحديات هى:

1- عدد الدوائر الانتخابية التى تحتاج للمساعدة
 إن جمهور الناخبين الذى يدرك بطريقةً ما الارتباط بينه وبين النواب يتوقع أن هؤلاء النواب سوف يساعدونهم على مرحلتين، الأولى مساعدة فردية لكل مواطن على حدة أما المرحلة الثانية فتتمثل فى مساعدة النواب للدائرة الانتخابية فى مجموعها عن طريق مساندة السياسات التى تفضلها هذه الدائرة، حيث أن تطلع المواطنين الى مساعدة النواب لهم وتحقيق مصالحهم الفردية يعتبر ميزة أساسية لبرلمانات الدول النامية.
 وغالباً ما يترك النواب بمفردهم فى تعاملهم مع جمهور الناخبين بالرغم من توظيفهم من  الأفراد للتعامل مع الدوائر الانتخابية. ويجب ملاحظة أنه بدون اتخاذ النواب للاستراتيجيات التى تمكنهم من ترشيح مطالب جمهور الناخبين ومقابلتهم عن طريق تخصيص ساعات مكتبية لهم، فإن هؤلاء النواب لن يستطيعون تحمل مسئولياتهم وإدارة وظائفهم بالكفاءة المطلوبة.

2- النظام الحزبى والانتخابي
عندما يسعى النواب الى تكوين روابط قوية مع جمهور الناخبين فإنهم بذلك ينافسون أعضاء وقيادات أحزابهم فى الحصول على ولاء هذا الجمهور، وغالباً ما يلجأ النواب فى إرضائهم لهذا الجمهور الى معارضة قيادات أحزابهم بخصوص سياسات معينة قد تضر بدوائرهم الانتخابية كما يلجئون الى مراقبة السلطة التنفيذية مراقبة صارمة وينتقدون أعمالهم. وقد ينعزل هؤلاء النواب عن أحزابهم وسيطرة السلطة التنفيذية فى سبيل الحصول على تأييد جمهور الناخبين لهم.
ولكن يلاحظ واقعيا أن الأحزاب والسلطة التنفيذية غالباً ما تحد من هذه الروابط بين جمهور الناخبين والنواب، وتقليل سيطرة وتحكم جمهور الناخبين فى المرشحين عن طريق "نظام القوائم، وتوسيع الدوائر الانتخابية، والسيطرة على عملية اختيار المرشحين لخوض الانتخابات".

3- تقليل القيود
قد يكون لدى النواب وقت يمكنهم من خلاله توجيه نظرهم الى جمهور الناخبين ومساعدتهم، وقد يحصل هؤلاء الناخبون على المساعدة من الأفراد الذى يتعاملون مع الهيئات الحكومية بالنيابة عن الأفراد من الدوائر الانتخابية أو من البرلمانات والإدارات التى تتعامل معهم أو الأفراد المحترفون الذين يمكنون النواب من  التعرف عن المناطق والمجموعات التى يمكنهم التأثير عليهم. ويلاحظ بوجه عام أن برلمانات الدول النامية تتميز بنقص مواردها وسعى السلطة التنفيذية الى السيطرة على جهودها فى التعبير عن احتياجات جمهور الناخبين.

وهناك عدد من الاقتراحات التى تعزز من  دور البرلمان وتقوية علاقته مع الدوائر الانتخابية هي:
1- إصلاح النظام الانتخابي بما يخلق رابطة قوية بين النواب وجمهور الناخبين، حيث يلاحظ أنه فى النظام الانتخابي الذى تقدم فيه كل منطقة نائب واحد للبرلمان يكون النائب أكثر استجابة للناخبين وذلك لإعادة انتخابه مرة أخرى، وحيث تضعف هذه العلاقة فى ظل النظام  الانتخابي الذى تقدم فيه كل منطقة عدد  معين من النواب. كما أن نظام القوائم الانتخابية تميز بقوة ولاء المرشحين للأحزاب والقيادات الحزبية على حساب الدوائر الانتخابية وبذلك نقل خدماتهم المقدمة للناخبين بسبب ضعف تأثيرهم على نتائج عملية الانتخاب.

ولذلك حاولت بعض الدول إصلاح النظام الانتخابي بما يمكن من خلق علاقة قوية بين النواب والدوائر الانتخابية تجعل النواب يستجيبون لجمهور الناخبين. وذلك عن طريق جعل إعادة انتخاب النواب مرة أخرى يعتمد على علاقاتهم القوية بجمهور الناخبين. ويجب أن نلاحظ أن إصلاح النظام الانتخابي يتطلب إجراءات معقدة مثل الإصلاح الدستوري.

ولكن يجب أن نلاحظ أن مزايا تقديم مرشح واحد من كل منطقة ليست له مزايا مطلقة وإنما لكل نظام انتخابه مزايا وعيوبه. وهناك بديل لإصلاح النظام الانتخابي يتمثل فى تكليف الأحزاب بتحميل النواب مسئوليات معينة لتمثيل جمهور الناخبين فى البرلمان ومكافأة النواب الذين يؤدون هذا الدور بنجاح.

ثالثا: جعل البرلمان مفتوحا على المجتمع المدنى والجمهور العام
يمثل عدم تسهيل النائب مقابلته للجمهور قيد على علاقة النائب بالدائرة الانتخابية، وبذلك ينفصل البرلمان عن الدوائر الانتخابية (مثل البرلمان فى زامبيا).    

ففي بعض الحالات يجب على أى فرد أن يتجاوز حراس البرلمان المسلحين لكي يدخل الى مبنى البرلمان وفى حالات أخرى لا يسمح بدخول البرلمان الى العاملين بداخله. وعلى النقيض تماماً نلاحظ أن برلمانات الدول المتقدمة مفتوحة للجمهور للتفاعل معه حيث تكون مناقشاته معروضة على الرأي العام عن طريق التليفزيون كذلك يسمح لتلاميذ المدارس بزيارة البرلمان ومقابلة الأعضاء وملاحظة طريقة عمل البرلمان، ويعتبر ذلك من الوسائل الناجحة للنشر والتوعية بدور البرلمان، كما أنه يدعم الإحساس لدى الجمهور أن هذا البرلمان هيئة خاصة بهم وأنشطته تعبر عنهم وعن تطلعاتهم.         

 وكذلك، من المهم إمداد النواب بالتسهيلات التى تمكنهم من التعامل مع جمهور الناخبين. وقد لا تستطيع البرلمانات فى كثير من الدول إمداد النواب بالوقت والموارد والأماكن التى تسمح لهم بالتعامل مع جمهور الناخبين، ويلاحظ أن البرلمانات الحديثة وكثير من برلمانات الدول النامية تتميز بأن الأحزاب والعمليات التى تحدث بداخله وأنشطة النواب تركز فى الأساس داخل البرلمان والمسئولية الرقابية له. وعلى أى حال، لكي يكمل النواب دورهم بكفاءة يجب عليهم الاتصال بالجمهور من الدوائر الانتخابية وتبادل وجهات النظر معهم، ومن الوسائل الهامة لذلك ما يلي:-

أ- وجود مكتب لكل دائرة انتخابية فى البرلمان
تخصص كثير من البرلمانات مكتبا لكل نائب داخلها يمكنه من مقابلة الجمهور من دائرته الانتخابية، والجماعات الأخرى فى المجتمع وكذلك الخبراء من خارج البرلمان. وهناك وسائل بديلة متنوعة لتخصيص مقر لكل نائب للتعامل مع جمهور الناخبين.


ب- مكتب الدائرة الانتخابية فى المنطقة الخاصة بها
غالباً ما تكون العاصمة بعيدة عن المناطق التى يسكنها جمهور الناخبين، وبذلك توجد صعوبة  فى مقابلة نواب البرلمان. ولذلك فقد استحدثت كثير من الدول مكاتب للنواب فى هذه المناطق بما يمكن النائب أو الموظفين لديه من مقابلة الجمهور والجماعات الأخرى بما يمكنه من التعرف على اهتماماتهم ومشاكلهم ورفعها الى البرلمان.
ويلاحظ ارتفاع تكلفة إنشاء مكتب لكل عضو فى البرلمان لأن كثير من الدول تفقد الموارد اللازمة لذلك. ولذلك غالباً ما يجتمع النواب مع جمهور الناخبين فى ساحات عامة أو فى المدارس، وفى بولندا يتقابل النواب مع الجمهور فى مكاتب الحزب فى المحليات. وقد خصص المجلس التشريعى للضفة الغربية وغزة مكتب إقليمى للبرلمان يمكن استخدامه لكل النواب من جميع الأحزاب. وهذا الحل ليس نموذجيا لأن الجمهور لن يحدد بدقة النائب الذى سوف يتقابل ويتعامل معه.

ج- الموارد ومجموعة الموظفين
لا يمكن لمكاتب الدوائر الانتخابية وشئون الجمهور أن تدير نفسها ولكنها بحاجة الى مجموعة من الموظفين وميزانية وتخصيص أعضاء البرلمان لجزء من وقتهم لهذا النائب، وتتميز الدول المتقدمة بأن برلماناتها تمد الأعضاء بالميزانية التى تمكنهم من استخدام مجموعة من الموظفين لتولى شئون هذه المكاتب، وقد يوجد متطوعين يؤدون هذا العمل.
ويلعب هؤلاء الموظفون دور مهم فى التعامل مع جمهور الناخبين ومعرفة شكاواهم والترتيب للمقابلات بين النواب ومجموعات الناخبين. وقد تمكن هذه الميزانية النائب من الاتصال مع جمهور ناخبيه سوء من خلال الرسائل الإلكترونية أو البريد أو الاتصال التليفونى.

د- الوقت والموارد لتمكين الأعضاء من الوصول لجمهور الناخبين بمناطقهم.
قد لا يقيم النواب فى المناطق الخاصة بهم وفى نفس الوقت قد لا يمدهم البرلمان بالوقت أو الموارد التى تمكنهم من الاتصال بالجمهور. ويلاحظ، مثلا، أن الكونجرس الأمريكى يوفر الوسائل التى تمكن النائب من الوصول الى المنطقة الخاصة به، كما أن البرلمان الشيلى أصدر تعديلا يمكن النواب من الوصول الى مناطقهم أسبوع واحد فى الشهر.

4- وسائل الاتصال
يحتاج تطوير العلاقة بين النائب ودائرته الانتخابية الى وجود نظام محكم من الاتصالات فيما بينها حتى يتمكن النائب مع مناقشة القرارات والسياسات مع جمهور الناخبين. وهو ما يمكن الجماهير من تقدير عمل البرلمان والنواب ويعتبر إسهام جماهير الناخبين هذا بمثابة الأداة التى تضفى الشرعية على أعمال البرلمان. من ناحية أخرى فإن هناك أهمية لخلق آلية تمكن جمهور الناخبين والجماعات الأخرى من التأثير على ممثليهم فى البرلمان.


رابعا: تعزيز نظرة المجتمع الى البرلمان
هناك وسائل تمكن من تدعيم العلاقة بين البرلمان والدائرة الانتخابية منها:

أ‌-       نشر عمل البرلمان والمشاروات التى تحدث داخل اللجان

يلاحظ أن كل الديمقراطيات تقريبا تقوم ببث أعمال البرلمان ولجانه لكى يطلع الجمهور عليها. وقد تستخدم البلاد الديمقراطية ذات الثروات والوسائل الحديثة مثل الكمبيوتر والتى تمكن من النقل الفورى لأعمال البرلمان. أما الديمقراطيات المتطورة فإنها تستخدم كل الوسائل التى تمكن من بث أعمال المجلس.

أما الديمقراطيات فى الدول النامية فإنها تفتقد الى التغطية الدقيقة لأعمال البرلمان وذلك أما بسبب نقص الكوادر المدربة على عملية النقل أو عدم الاهتمام أصلا بنقل وإذاعة أعمال البرلمان. وفى كثير من الدول رغم أن أعمال البرلمان يتم تسجيلها فإنه لا يتم إذاعتها أو نشرها خارج البرلمان، إن نشر أو إذاعة أعمال البرلمان تمكنه من أداء وظائفه بكفاءة كما أنها تمكن أعضاء البرلمان وكذلك الموظفين مراجعة القرارات والمناقشات التى تمت. ولذلك فإن نقل أعمال البرلمان ونشرها تمكن من تدعيم الوظيفة التمثيلية للبرلمان. ومن الأهمية  بمكان للديمقراطيات الحديثة أن تذيع وتنشر أعمالهم الى المجتمع وذلك للتدليل على أن البرلمان يؤدى وظائف وخدمات حيوية للمجتمع.

وتتميز الديمقراطيات الغنية بأنها تذيع جلسات البرلمان وأعمال اللجان عن طريق الراديو والتليفزيون. وقد اتخذت الديمقراطيات النامية خطوات نحو بث جلسات البرلمان عن طريق التليفزيون. ومن بين الدول النامية التى استطاعت تنفيذ استثمارات خاصة ببث جلسات البرلمان مثل الهند، وبيرو والمكسيك، ويقوم البرلمان البرازيلى- ببث تليفزيونى أسبوعيا لأعمال البرلمان تتضمن مقابلات مع أعضاء البرلمان والإجابات التليفونية على استفسارات جمهور الناخبين، كما أن البرلمانات قد تقوم بنشر صحف يومية، تتضمن ملخص لنشاطه.

ويعتبر الراديو من الوسائل الرخيصة التى تمكن من إذاعة أعمال المجلس، حيث أن ملخص أعمال البرلمان التى تذاع عن طريق الراديو تصل الى عدد كبير من الأفراد.
ويمكن لكل عضو من الأعضاء يسجل مساهماته وتعليقاته خلال أعمال المجلس ويرسلها الى دائرته الانتخابية.

ب- التغطية الصحفية المستقلة

تمكن وسائل الإعلام المواطنين من فهم لأعمال البرلمان وتكوين انطباعه عن البرلمان ككل. إن سيطرة الحكومة أو المعارضة أو جهة مستقلة وأنواع التقارير السياسية داخل البرلمان ومن القائمين على وضعها تؤثر فى تغطية أعمال البرلمان.

ويلاحظ أن تغطية أعمال البرلمان فى الدول النامية تكون عن طريق وسائل الإعلام المملوكة للدولة. ورغم أن هذه الدول تصدر صحف فإنها تفتقد الى المهارات والخبرات التى تمكن من وضع تقارير خاصة بشئون البرلمان وأعماله، ولذلك فإن هناك أهمية لتدريب الكوادر الصحفية بما يمكنها من تغطية أعمال البرلمان.
 وتتضمن برامج التدريب التعرف على وظائف البرلمان وقراءة التشريعات وتقييم مدى تأثيرها وكتابة التقارير الدقيقة من أعمال البرلمان. وقد تمكن الكونجرس الوطنى فى شيلى من سن تشريع لوضع برنامج تدريبى للصحفيين لتمكينهم من تغطية أعماله.


ج- الخطابات البرلمانية
فى كثير من الدول يقوم النواب بإرسال خطابات الى جمهور الناخبين تتضمن نشاطهم وموفقهم من القضايا المختلفة تتضمن هذه الخطابات استبيانات تمكن النواب من تقدير استجابة الرأى العام. وهذه الوسيلة وبما لا يؤخذ بها فى الدول النامية. فالبرلمان الموزمبيقى بنشر أعماله عن طريق المقابلات مع نواب البرلمان.

د- تقييم موقع للبرلمان على الانترنت
من الصعوبة أن نجد مكان فى العالم اليوم لا يعتمد على الانترنت وكثير من البرلمانات تستخدم شبكة المعلومات هذه من أجل إطلاع المواطنين على أعمال البرلمان. ومن أمثلة ذلك البرلمان فى بيرو. البرلمان والانترنت فى بيرو، عن طريق التمويل الذى حصل عليه البرلمان من البنك الدولى للتنمية فى أفريقيا تمكن من تصميم موقع يمكن المواطنين من التفاعل معه البرلمان وينتج صحيفة  يومية له على الانترنت.

فخلال ساعة من انتهاء أعمال المجلس يقوم الكونجرس بنشر ملخص عن أعماله الى الرأى العام عن طريق وسائل الاتصال، ومن خلال الموقع على الانترنت يقوم البرلمان بإمداد الجمهور بالمعلومات من أعماله بجانب جدول أعماله والتشريعات الصادرة عنه وبذلك يمكن للمواطنين أن يعلقوا على أعمال البرلمان.

ويستطيع أى مواطن ليس لديه جهاز كمبيوتر أن يطالع المواقع الدائمة للبرلمان من أى مكان آخر توجد به خدمة الانترنت.

هـ- الإصدارات التشريعية
تقوم البرلمانات والجماعات الأخرى خارجها بنشر مجموعة من الإصدارات الخاصة بالبرلمان تتولى شرح وتوصيف الهيكل والعضوية والصفة النيابية لكلا من البرلمان والأعضاء. وتعتبر هذه الإصدارات بمثابة الأداة التى تؤدى الى التواصل والتفاعل بين المجتمع المدنى والبرلمان. ففى بلغاريا مثلاً تقوم اتحادات الأعمال بنشر الإصدارات التشريعية لتعريف أعضاء هذه الاتحادات على الأشخاص الذين يعاملون معهم بخصوص القضايا المختلفة.

وتقوم البرلمانات بنشر هذه الإصدارات فى كلا من شيلى، وبوليفيا وأوغندا، وموزمبيق- فى كثير من الأحيان تقوم البرلمانات بنفسها بنشر هذه الإصدارات على المواقع الخاصة بها على الانترنت.

خامسا: أسلوب الجلسات العامة (Public Hearings)
 تهدف هذه الجلسات الى إتاحة الفرصة للنواب للاستماع الى آراء المواطنين والخبراء بخصوص قضايا السياسة العامة وذلك من أجل ترويج والتعبير عن برامج العمل الخاصة بها وقد تنعقد هذه الجلسات فى حجرات داخل البرلمان أو المركز الخاصة بالدائرة الانتخابية وقاعات الاتحادات، وتتولى مجموعة من الموظفين التابعين للبرلمان تنظيم عمل هذه الجلسات والتعرف على آراء الجمهور بخصوص القضايا التشريعية.

وقد تعقد هذه الجلسات فى حجرات خاصة داخل البرلمان حيث يمكن الاستعانة بالخبراء والأكاديميين وبعض المسئولين الحكوميين ليعلقوا على بعض القضايا موضوع النقاش. وقد تنعقد هذه الجلسات فى الاتحادات الخاصة بالمدن من أجل التعرف على آراء المواطنين بخصوص مختلف القضايا، وقد يطلب من الأفراد تقديم وجهات نظرهم الى المسئولين.
وقد عقد البرلمان الموزمبيقى عدد من هذه الجلسات لمناقشة القضايا العامة حيث تمكن المواطنون من خلالها المشاركة فى تشكيل السياسات العامة. وقد تناولت أولى الجلسات مناقشة قضية الأعمار المصرح لها دخول النوادى الليلية . وتناولت الجلسة الثانية تعديل الدستور. وقد حضر الآلاف من المواطنون فى موزمبيق هذه الجلسات وأولى المئات بوجهات نظرهم. وقد عقد جلسات أخرى عديدة لمناقشة الأضرار البيئة بالمناطق الساحلية.
ويستفيد المواطنين من البرامج التدريبية التابعة لهذه الجلسات حتى يتمكنوا من الإدلاء بوجهات نظرهم بخصوص القضايا العامة. وتتولى هذه البرامج تدريب المواطنين وتعريفهم على القضايا التى تهم النواب وكيفية تقديم وجهات نظرهم حيالها. وبجانب برامج التدريب تقدم الجلسات التى تتولى مناقشة الإصلاحات الدستورية مجموعة من النشرات التى تشرح التعديلات المقترحة للدستور.


سادسا: أهمية برامج التعليم المدنى
تتولى برامج التعليم المدنى فى الدول الديمقراطية تعريف الجمهور على وظائف وشكل ودور الحكومة بجانب حقوقهم ومسئولياتهم. وتتضمن هذه البرامج التأكيد على أهمية التصويت وكيفية ممارسته والمشاركة فى الاستفتاءات التى تتبع مناقشات البرلمان ونقل اهتماماتهم الى المسئولين الحكوميين فى المحليات.
وتعتبر البرامج التدريبية جزء مركزى من مناهج التعليم فى مراحله الأولى فى المدارس، وقد توسعت برامج التعليم فى الدول الديمقراطية متنقلة الى مراحل أعلى فى التعليم المدرسى. فبعد 17 سنة من الحكم العسكرى فى شيلى وتحديدا سنة 1990م تم إنشاء برامج التعليم المدنية، فقد تضمنت الكتب المدرسية وصف مستويات وفروع الحكومة فى شيلى ودور ومستويات البرلمان. وتشارك القيادات البرلمانية فى هذه البرامج وذلك عن طريق تعريف الاتحادات المختلفة على أدوار ومسئوليات الكونجرس الوطنى.
وتقوم بعض الدول بتضمين الكتب المدرسية للأطفال والتى تحتوى على ألوان وصور كرتون وصفحات تشرح وظائف البرلمان. ومن هذه الدول موزمبيق، وكوستاريكا، وجواتيمالا.

سابعا: تعزيز القدرات الفنية للمجتمع المدنى
تحتاج الجماعات الأهلية مثلها مثل الأفراد الى تعريفهم بدور البرلمان من أجل التأثير عليها. وفى الديمقراطيات الناشئة حديثاً يلاحظ ضعف معرفة هذه الجماعات بالعملية التشريعية بالرغم من أنها قد تتكون حول قضايا معينة تعتبر من صميم اهتماماتها.
وتتولى المنظمات داخل المجتمع المدنى التعبير عن آراء جمهور الناخبين والضغط على النواب من أجل تغيير السياسات. ورغم أن المعلومات التى تنشر على شبكة الانترنت تكون مفيدة لهذه الجماعات فإنه يجب عليهم الاهتمام بالبرامج التدريبية حتى يتمكنوا من التعامل بشكل مؤثر مع البرلمان. وتتضمن هذه البرامج كتيبات معلوماتية عن العملية التشريعية مثل كيفية تحول القوائم التشريعية الى قوانين ودور ومسئوليات البرلمان.
كما تتضمن معلومات عن النواب الذين سوف يتم التعامل معهم بخصوص قضايا معينة، وشرح شكل وسلطة البرلمان المنصوص عليها فى الدستور، والتى يمارسها عملياً. ويتولى مهمة تقديم هذه البرامج أعضاء من هيئات الصحافة البرلمانية والنواب السابقين ومجموعة الموظفين البرلمانيين والأفراد الذين يتعاملون بصفة دائمة مع البرلمان.   
  عاي الصاوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق